كشفت السلطات السعودية عن نجاح أمني مهم ، تمثل في تفكيك تنظيم حاول تنظيم القاعدة العودة من خلاله إلى السعودية، وذلك بعد متابعة ومراقبة ورصد على امتداد عدة أشهر، حيث اكتشفت الأجهزة المختصة أن التنظيم بايع قائداً، وباشر في الإعداد والتخطيط لعمليات مسلحة تستهدف منشآت حكومية ومصالح أجنبية، إضافة إلى اغتيال رجال أعمال وشخصيات دعوية وأخرى حكومية.
قد أشار البيان الرسمي إلى اعتقال 62 مشتبهاً بهم، منهم ثلاثة مقيمين: فلسطيني، ويمني، وباكستاني. والبقية سعوديون، منهم خمسة وثلاثون ممن سبق أن أطلق سراحهم، في قضايا ذات علاقة بالأمن، وكذلك عدد منهم لا يزال رهن المحاكمة.
وهناك أربعة وأربعين شخصاً، متوارين عن الأنظار، مطلوبون للاستجواب للنظر في علاقتهم بهذا التنظيم، ومررت بياناتهم إلى شرطة الاتصال الدولية، لإدراجهم على قوائم المطلوبين.
كما تم ضبط معمل لصناعة المتفجرات وأموال إضافة إلى الكشف عن خطوط لتهريب الأشخاص والأسلحة عبر اليمن. وكشفت السلطات عن تواصل مباشر بين تنظيم في السعودية وداعش في سوريا، مضيفاً أن التنظيم بعد أن فشل في تجنيد السعوديين كان يخطط لبثّ الفوضى وحالة الارتباك في البلاد.
وحول حجم ومدى خطورة هذا التنظيم قال اللواء منصور التركي لـ"العربية" في برنامج بانوراما إنهم ضبطوا التنظيم في بداياته، وقبل أن يتطور ويصبح تنظيماً قائماً فعلياً، ولديه القدرة على تنفيذ مخططاته، كما تم تمرير معلوماتهم للإنتربول لإدراجهم ضمن قوائم المطلوبين.
وأشار التركي إلى أن التنظيم لمس إخفاقاً في القدرة على إحداث فوضى في المملكة من خلال التحريض، فنهجوا نهج حثّ أقرانهم في المملكة للعمل على انتهاج مبدأ الاغتيالات للتعجيل بالفوضى.
السعودية هدفهم
وبحسب الصحافي المتخصص في شؤون القاعدة فارس بن حزام، فإنه من الطبيعي وصول داعش للسعودية، خصوصاً أن داعش استقطب مئات من السعوديين.
ويشير بن حزام إلى أن هذا الاستقطاب ليس هدفه الأول نصرة الشعب السوري، أو إسقاط النظام السوري، وإنما هدفه تهيئة أكبر قدر من هؤلاء لإعادتهم إلى بلادهم مسلحين، ليقاتلوا بلادهم. وهذا شيء لمسناه حتى في خطاباتهم.
وأشار إلى أن كثيراً من هؤلاء الشباب، نشط على تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي، ويستخدم العبارات الصريحة: سنعود إليكم، وسنذبح، وسنقتل، وسنفعل في السعودية.
وأكد بن حزام أن الهدف الأكبر والأشمل لداعش السعودية، واضطر التنظيم للبحث عن أماكن أخرى لتدريباته، غالباً ما تكون بؤر توتر كـ "سوريا"، لأن السعودية طردته من أراضيها.
وأشار بن حزام إلى أن المواد التي ضبطت مع الخلية أغلبها مسدسات قنص، وشرائح إلكترونية، ذلك أن القاعدة تعرف أنها لا تستطيع أن تنفذ ما فعلته قبل عشر سنوات في السعودية، وبالتالي ستلجأ إلى الاغتيالات. لذا كانت الإشارة الصريحة تنفيذ الاغتيالات في ثلاثة محاور لشخصيات سياسية ودينية ورجال أعمال-وشخصيات أمنية.
أما الكاتب والصحافي جاسر الجاسر فقال إن داعش نجح في توظيف النساء أكثر من القاعدة، حيث إنه ولفترة صار هناك انسحاب من القاعدة، لأنها أي القاعدة بحسب الجاسر لم تعد مقنعة أو مرضية في تفاصيل معينة ولم يعد لها مرجعية، بينما أتى داعش وكأنه نشاط بكر ونقي.
وأشار الجاسر إلى دعاة اعتمدوا الخطاب الدعوي المتعاطف مع داعش، وهؤلاء تركزوا أكثر في الكويت على مساحة كبيرة، ونجده في تويتر في السعودية أيضا على مساحة كبيرة.
عملية ناجحة
قال جاسر الجاسر إن الأعين اليوم أصبحت مفتوحة أكثر تجاه هذه التنظيمات، بعد نجاح الداخلية وهو فعلاً نجاح مميز ولافت ويعني السيطرة أو اكتشاف تنظيم جديد، تنظيم بكر، بمعنى أنه ليس له ذيول سابقة وليس له خيوط معروفة أو مشكوك فيها.
والقدرة على احتواء هذا النظيم في بداياته ومعرفة تكوينه، ولعل هذا السبب الذي أثمر في القبض على كثير من أعضائه، لأنه حتى الآن لم يتشكلوا بالمعنى الجذري الحقيقي ويصبحون أشخاصا متمرسين ومدربين، مثلما ذكر اللواء منصور، وتابع الجاسر من جانب آخر المسألة وأكد من جديد على ميوعة الخطاب الموجود، خصوصا أن هؤلاء لا يتحركون إلا برؤية دينية معينة، رؤية دينية تضخ بهم وتحفزهم وتؤكد أن عملهم هو عمل لصالح الإسلام، وإنهم بالتالي يقومون بالمهمة العظمى، وأشار إلى وجود أناس يمارسون عملية تحريض بشكل ظاهر من القائمين على مؤسساتها وعلى منابرها، وهذه ميزة وخاصية تويتر.
وذكر الجاسر مثالاً شخصية طائفية إلى حد ما، مثل مانع المانع كان شيخ رقية وما شابه وتفسير أحلام، فتحول ليكتب رسائل دعم لداعش ثم انتقل إليها هناك، وبالتالي تحتاج المسألة القانونية إلى تفعيل كثير.
وأما فارس بن حزام فقال إن السعودية معترفة بتقصيرها، وخصوصاً التقصير في المحاربة الفكرية، وهناك اعتراف من جميع المسؤولين بهذا التقصير.
وأشار بن حزام إلى أن وسائل الإعلام وعلى مدى عشر سنوات ساهمت في توعية الجمهور، وأكد بن حزام أن معظم من تم إيقافهم وأعلن عنهم اليوم كان هذا بجهود المواطنين بالدرجة الأولى، أي أن المواطنين من أبلغوا عنهم وليس كما كان الحال في السابق، أي أن الأمن يبذل جهداً مضاعفاً للوصول إليهم، هذه المرة وجد الجهاز الأمني مواطنين متعاونين معه إلى أقصى مدى يسلمونه المطلوبين والمشتبه بهم.