
أكد تقرير دولي أعدته وكالة “رويترز” نجاح المملكة العربية السعودية في ترويض عجز الموازنة الجديدة (عام 2017)، وأن من المرجح على نطاق واسع أن يواكب إعلانَ الموازنة، تحقيقُ نجاح كبير في خفض العجز، حسب التقديرات الأولية.
وقال التقرير إن هذه الخطوة من شأنها أن تعود بالإيجاب على النمو الاقتصادي، والتركيز بصورة أكبر على الإصلاحات الاقتصادية، ودعم نمو القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، وسط تأكيدات بأن الاقتصاد السعودي مرت عليه في عام 2016 واحدة من أصعب الفترات منذ عقود، بعدما بلغ عجز الموازنة مستوى قياسيًّا عند 367 مليار ريال (98 مليار دولار) عام 2015.
وقال مصرفيون ومحللون واقتصاديون بارزون إن المملكة ستكشف عن موازنة 2017 خلال أسبوعين، وستعلن خلالها تحقيق تقدم كبير في ضبط المالية العامة بصورة لم يكن يتوقعها الكثيرون قبل 12 شهرًا.
وأوضح مصرفي سعودي كبير (حسب رويترز) أن “العام المقبل ستعمل الحكومة على تحقيق ميزانية متوازنة، وستركز أكثر على خلق الوظائف وتطوير المشروعات التي تساعد مباشرةً في نمو الاقتصاد”.
ويقول الاقتصادي السعودي إحسان بوحليقة: “من أبرز التحديات خلال العام المقبل، التحول من النمو الاقتصادي الضعيف إلى تحقيق نمو أعلى. ويبدو لي أن الحكومة ستركز على ذلك خلال إعداد ميزانية 2017”.
وتوقعت الحكومة (وفقًا للوكالة) تحقيق عجز قيمته 326 مليار ريال عندما أعلنت موازنة 2016 في ديسمبر الماضي، لكن يبدو أن الخفض الحاد للإنفاق، والإصلاحات الاقتصادية التي أعلنها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يشرف عليه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان- ستنجح في خفض هذا الرقم كثيرًا.
ويرى رئيس الأبحاث لدى “الاستثمار كابيتال” مازن السديري، أن “المملكة وجهت سياساتها المالية لهذا العام بحذر واضح، ونتوقع أن تكون سياسة التقشف قد نجحت في تقليص حجم العجز المحتمل، وإن كان لذلك أثر في الاقتصاد الكلي”.
وأوضح الخبير الاقتصادي فضل البوعينين، أن “من المتوقع أن تسهم سياسة التقشف التي انتهجتها الحكومة في خفض العجز المتوقع، وهذا إن حدث فسيُحسب للجهود الحكومية التي تعاملت وفق الأدوات المتاحة لضبط الإنفاق وإن انعكس ذلك على مكونات الاقتصاد”.
ويعني ذلك أن العجز قد يبلغ في المتوسط -حسب تلك التوقعات- نحو 240 مليار ريال، أو ما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم لا يزال مرتفعًا، لكنه أقل كثيرًا من عجز بلغت نسبته 15% من الناتج المحلي العام الماضي.
ويعود النجاح في الخفض المتوقع للعجز إلى عدد من الإجراءات الصارمة والقاسية؛ منها مطالبة الوزارات والجهات الحكومية بخفض الإنفاق على العقود، وتأجيل صرف مستحقات القطاع الخاص وشركات المقاولات لشهور، وخفض مزايا وعلاوات العاملين بالقطاع الحكومي، وإلغاء عدد من المشروعات، وتقليص دعم الوقود والطاقة والمياه.
وتتضمن خطة التحول الوطني التي أعلنت في يونيو، إنفاق الحكومة نحو 270 مليار ريال، على مدى 5 سنوات، على مشروعات تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحديث البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
وقال مصدر لرويترز إنه تمت مطالبة الوزارات والجهات الحكومية بخفض ميزانية مبادرات خطة التحول الوطني حتى قبل إطلاق هذه المشروعات.
ويتوقع الاقتصاديون والمحللون أن تؤدي سياسة التقشف التي تبنتها الحكومة إلى مرونة أكبر للإنفاق العام المقبل، لا سيما مع نمو الإيرادات غير النفطية نتيجة زيادة رسوم البلدية والتأشيرات، وعزم الحكومة فرض رسوم على الأراضي البيضاء غير المطورة.
ويعزز ذلك الافتراض توقعات ارتفاع الإيرادات النفطية في ظل انتعاش أسعار النفط بعد توصل أوبك إلى اتفاق بشان خفض إنتاج الخام. ويبلغ سعر خام برنت 55 دولارًا للبرميل في الوقت الراهن مقارنةً بـ45 دولارًا في المتوسط هذا العام.
وهناك توقعات على نطاق واسع بأن يواكب إعلان موازنة 2017 إعلان الحكومة عن جولة جديدة من رفع أسعار الوقود والمياه والكهرباء. وتوقع السعودي الفرنسي كابيتال زيادةً نسبتها 20% في أسعار الكهرباء، و40% في أسعار الوقود، لكن محللين منهم مازن السديري يستبعدون رفع أسعار اللقيم والغاز الطبيعي في محاولة من الحكومة لدعم قطاع البتروكيمياويات.
ويتوقع بعض الاقتصاديين أن تتوسع الحكومة توسعًا طفيفًا في الإنفاق العام المقبل، لا سيما فيما يتعلق بالإنفاق على مشروعات التنمية.