
الوصية الثانية : الأمن , وما أدراك ما الأمن , إنه أساس الاستقرار الديني والنفسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي , وهو من أكبر النعم وأفضلها وأعظمها , وقد أمتن الله على قريش في قوله تعالى ( لإيلاف قريش – إيلافهم رحلة الشتاء والصيف – فليعبدوا رب هذا البيت – الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) فالأمن هو الحياة , والحياة هي الأمن , وإذا أنتشر الأمن فقد حفظت الأنفس والأموال والأعراض , وبدونه لا تستطيع أن تفعل شيئا , وكل شخص يقف على أرض وتراب المملكة العربية السعودية , فعليه مسؤولية أمن البلاد واستقرارها , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أصبح منكم آمنا في سربه , معافى في جسده , عنده طعام يومه , فكأنما حيزت له الدنيا ) رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب .
الوصية الثالثة : مراجعة القرآن ومعاهدته , فلا يكتفي الطالب بالحفظ , بل عليه أن يحافظ على ما حفظه , فيكثر من مراجعة القرآن , لأنه سريع التفلت امتثالا للهدي النبوي الذي يقول فيه عليه الصلاة والسلام : ( تعاهدوا هذا القرآن , فو الذي نفس محمد بيده , لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها ) – وأنظروا الى سير سلف الأمة , الأمام الشافعي رحمه الله تعالى حيث يقول : ( حفظت القرآن وأنا أبن سبع سنين , وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين ) – ثم يقول : ( فلما ختمت القرآن , دخلت المسجد , فكنت أجالس العلماء , وكنت أسمع الحديث أو المسالة فأحفظها ) .
الوصية الرابعة : العمل بما في القرآن الكريم من أوامر , والبعد عن النواهي , فإن هذا الكتاب إنما أنزله الله تعالى للعمل بما فيه , وهو هداية للناس في دينهم ودنياهم , كما قال الله تعالى : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعلمون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ) – وقد ذكر عليه الصلاة والسلام في الحديث : ( من جعله أمامه , قاده الى الجنة , ومن جعله خلف ظهره , ساقه الى النار ) , وحامل القرآن أول الناس بالعمل والتطبيق .
كونوا يا حفظة القرآن , ويا شباب الإسلام مثل سلفكم الصالح الذين كانوا يتلون آيات الله تعالى وتدبرونها وينفذون أحكامها , قال أبو عبدالرحمن السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن عثمان بن عفان – وعبدالله بن مسعود – وغيرهما , أنهم اذا كانوا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات , لم يتجاوزوها حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل , قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا . فهمهم الأول كان : هو حفظ القرآن الكريم والعمل بتعاليمه والاهتداء بهديه , وبهذا وحده صفت أرواحهم , وطهرت نفوسهم , وعظمت أثارهم , وكتب الله لهم النصر والتأييد في كل شيء .
وهذا القرآن الذي رفع الأمة الإسلامية في أول عهدها , قادر على رفعها الى سماء المجد ثانية , وذلك إذا سلكنا مسلك أولئك الأوائل , وطبقنا تعاليم القرآن الكريم في كل صغيرة وكبيرة .
اللهم وفقنا للعمل بأوامره واجتناب نواهيه في جميع أعمالنا وأقوالنا وأحوالنا وتعليمنا , يا رب العالمين , وارزقنا تلاوة كتابك على الوجه الذي يرضيك عنا , وأهدنا به سبل السلام , وأخرجنا به من الظلمات الى النور , وأجعله حجة لنا , لا علينا يا رب العالمين , اللهم وفق ولي أمرنا الى ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين , والعباد والبلاد , اللهم وفقه وإخوانه الى كل خير , اللهم وفقه ووفق ولي عهده , ووفق ولي ولي عهده إلى ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين , وأرزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم وتدلهم على الخير والبر والتقوى يا رب العالمين .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , والحمد لله رب العالمين .
بعدها أستمع الجميع الى مشاركة الطالب المبدع / خالد بن سراج جوفا – حيث شارك بأبيات من ( متن الجزرية ) نال استحسان الضيوف والحضور .
كما شارك الطالب / عبدالحليم بن معروف خضر – بتلاوة عطرة من كتاب الله الكريم برواية حفص عن عاصم .
هذا وقد شاهد الحضور أحد النماذج المشرقة في كتابة القرآن الكريم بالرسم العثماني وبخط جميل – الطالب / عبدالرحمن بن عميروش بوعكاز – حيث أثنى الجميع بما شاهدوه من إبداع وتميز .
كما شارك الطالب / معاذ بن محمد إبراهيم – بأبيات من متن ( تحفة الأطفال ) نال استحسان الضيوف الكرام .
وفي مسك الختام شنف الآذان أحد النماذج من الحلقات بتلاوة عطرة برواية حفص عن عاصم الطالب / عبدالرحمن بن جمعة أحمد .
هذا وقد أستمع الجميع الى كلمة راعي الحفل فضيلة الشيخ / على العبدلي – حيث قال فيها : الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , حيث أشاد بجهود سمو الأمير متعب بن عبدالعزيز لرعايته للحفل القرآني السنوي ودعمه السخي واللامحدود لخدمة كل أنشطة وبرامج هذا الجامع المبارك , كما أثنى على ما شاهده من نماذج مشرقة والتي تثلج الصدر , سواء من ناحية الأداء والحفظ والإتقان والتهجي وحفظ المتون المتعلقة بالقرآن الكريم , وحث الطلاب على الحفظ والمراجعة والعمل بما جاء فيه قولا وعملا في جميع أمور دينهم ودنياهم , وشكر أولياء الأمور على اهتماهم بأبنائهم بالمشاركة في مثل هذه الحلقات القرآنية المباركة والتي يشار اليها بالبنان , كما شكر المشرف العام على هذا الاهتمام بهؤلاء النوابغ منذ نعومة أظفارهم , وعلى ما يقدمه لهذه الحلقات من أفكار تربوية , ودورات تدريبية في المجال القرآني , وفي نهاية كلمته قال أنه فخور بهذه الكوكبة من المتفوقين ممن شاركوا وأبدعوا في برامج وأنشطة العام المنصرم وتفوقوا على أقرانهم .